الجمعة، أبريل ٠٢، ٢٠١٠

نهار مضروب

دخلت من مكتب مأمور النقطة على مكتب الأمين اللي كان بيخلص ورقي، كان لابس راس الإله آنوبيس أو الإله تحوت، معرفتش أفتكر وقتها بالظبط، بس فكرت أرفع له إيدي وأقسم له "أنا لم ألوث ماء النيل"، من غير ما يبص عليّ قالي من جوه الراس المقفول، "ما تبقاش تصطاد هناك تاني بدقنك دي عشان دي فيها حبس"، بصيت له واترسمت على وشي ابتسامة استهزاء خفيفة، رمى لي بطاقتي على طرف المكتب وارتاح على الكرسي ومدّ نفسه عليه، وأنا خارج من نقطة البرج اتحسرت على السنارة وكيس الطعم اللي اشتريته من الميدان ليلة إمبارح واتنهدت، اتمشيت لحد المحطة، كنت عشان أهدى من البهدلة اللي حصلت لي على ريق الصبحيّة، قعدت أدعي لجدي بالرحمة، لما وصلت المحطة طلعت أول عربية التلفريك لاقيتها في وشي، رغم إن العربية كان أغلبها فاضي، رحت قعدت جنب واحدة ست في الأربعينات، كانت اليافطة العريضة اللي جنب شباكي منقوش عليها "محطة برج الجزيرة"، استنينا لحد ما طلع السواق قطع لنا التذاكر، وقعد على كرسيه وسحب دراع العربية، فضلت العربية تزمجر وتزيّق لحد ما طلعت، لما بقينا فوق النيل، خبطت على كتف اللي قدامي وسألته:
- هو بيروح على فين ؟
لما بصّ لي شفت عينيه سوده بسّ حواليها حلقة زرقا كأنها عتبة بتفصل بين السواد والبياض، رد عليّ:
- بيخلص في روض الفرج
هزيت راسي، وسألته تاني عشان أبص في عينيه:
- وهي الساعة كام دلوقتي ؟
- الساعة حداشر ونص وخمسة
الست اللي جنبي فتحت شنطتها وطلعت إبرتين تريكو وبكرة خيط وقاعد تشتغل وتنشغل فيها، بصيت من الشباك، لاقيت فردين حمام بيض بيتسابقوا جنب العربية الطايرة، ما كنتش طايق أتفرج على النيل ولا أبص من خنقتي منه رغم الشمس الطالعة اللي سطعت عليه، مديت إيدي في إيد الست وأخدت منها الإبرتين والكوفيه، وقعدت أشتغل فيه بدالها لحد آخر السكة.

ليست هناك تعليقات: