الأحد، أبريل ٢٢، ٢٠٠٧

على لسان البغل الأسود

كما أستطيع أن أحب وأعشق وأهيم على رأسى العنيد.. أستطيع أن أكره وألعن وأسب ألف ملة ودين.. ألا لُعن اللون الرمادى.. ألا لُعن السمسار.. ألا لُعن المفاوض.. ألا لُعن المحايد
*
هاأنا بغلٌ أسودٌ يضربُ برأسهِ قرنى الثور الذى يحملُ العالمَ ليسقط من فوقه السخفاء
*
لا تحايد أحداً إلا من رضى به قلبك.. ولا تفاوض نفساً إلا من مالت إليه روحك
*
أقف فوق كومة عظيمة من القاذورات، ولا أقول "أنا لا أقف فوق جنان وبساتين حالياً"، لكن أقول بملء فمى
"أنا أقف فوق كومة من القاذورات حتى أرحل إلى بلاد تعرف المراعى"
*
أحس بالشفقة على أى واحداً منا يستخف بقيمته، فنحن -معشر البغال- قادرين على أن نكون شيئاً آخراً غير أن نكون بغالاً.. لكننا لسنا قادرين أن نكون هذا الشئ الآخر، أىً كان، مثلما كنا بغالا
*
...يا قلبٌ رآنى فأحبنى.. أغدق علىَّ بحنانك.. أو أرحل
*
لتكن ما تكون.. حتى ولو كنت الشيطان ذاته.. لكن أرجوك لا تدعى الملائكية فى وجهى، وقتها سوف أصيبك بنهيق حتى ترحل أو أصم آذانك
*
أنا أكرهك.. وأنت تمقتنى.. حسناً.. هذة حقيقة لا يجب أن تختفى خلف أقنعة الود والمحبة.. فأسوأ من أن نكره بعضنا أن ندعى الحب لبعضنا.. دعنا نختلف قليلاً.. العالم ليس سواء.. وإذا رأيتنى فى الطريق أنقر بأصابعك على عصاك الطويلة الرفيعة تحفزاً ولا أكثر
*
سأرسم ما أشاء من الألوان أما الرصاصى فلسوف أحرقه حتى يصير لوناً فاحماً أرسم به
*
أحترم القديسين الجادين فى صلواتهم.. وأحترم الداعرين الجادين فى نزواتهم.. ولا أطيق ظلالهما المخلوط من البشر
*
أطيح فيما أمامى ولا أعتذر.. آسف فأنا مجرد بغل

تحية للضيف القادم

هل رأى أحدكم مسافراً قادم من بلاد تحمل رائحة البحر فى أحشائها يسير متعكزاً على أمل باقى ممتد منذ مئات السنين ؟.. هل رأى أحدكم مسافراً فصوص عينه -التى تلمع كالماس- شاخصة إلى السماء تبحث عن قمر يعلو فوق مدينة الألف مئذنة ؟.. هل سمع أحدكم مسافراً يطرق الباب الحديدى للقاهرة بعصاه منتظراً من ينهض ليفتح له الباب ؟
هذا المسافر الذى لم يعد غريباً عن الدار فقد أصبح له من اليوم أهل وأقرباء من كل مقام ومكان.. يمسحون عرقه السائل على جبينه ويسمحون له بالدخول إلى قلوبهم ويسقونه ماءٍ صافٍ من حيث أشربهم النيل.. إلى الذى سيسكن قلب القاهرة.. عند كل زاوية ستقرأ فى أعين الناس وشفاهم

"نورت يا ولدى"