الخميس، يونيو ١٧، ٢٠١٠

بقيّة

بصت لي باستغراب وقالت:
- أنتَ سمعت ماما بتقولك "يا رب يوجعك" بدل من "يا رب تكون بخير" ؟
قلت لها:
- آه.. مش فاهم إزاي ؟
سكتت شوية تفكر، بعدها قربت مني على الكنبة وحطت دراعها في دراعي وقالت:
- إذا كنت عملت كده، أومال لما تبقى حبيبي هتعمل إيه؟
رديت:
- أبداً، ما تتوقعيش ده يحصل تاني !، أنا واحد مجنون.

الثلاثاء، يونيو ١٥، ٢٠١٠

حلم

وصلت إليها في المساء.
لم أجد صعوبة في العثور عليها بين زملائها. وجدتها تقف بينهم، عندما اقتربت منها، كانت مهتاجة وتعاني من غضبٍ بسبب شئ ما، لعنت حظي السئ، لكنني أظهرت لها حضوري ولم أتراجع إلى الخلف، نظرت إليَّ وعاملتني بصلافة شديدة، جاءني أحد أصدقائها والذي كنت أعرفه معرفة سطحية، سلّم عليَّ ووقف إلى جانبي، وقفت هي الأخرى أمامي وقالت بما يعني "أنتَ إيه اللي جابك هنا؟"، حاول صديقها تهدئة الأمر بيننا، فقالت أن عليها الذهاب الآن لأن والدتها تنتظرها عند ناصية الشارع الرئيسي، تركتهما وانطلقت من فوري حانقاً من الحرج خارجاً من المكان كله، كل ما كنت أفكر فيه عندما جئت أنني كنت لا أريد إلا السلام والسؤال عن أحوالها، لكن فيما يبدو لي الآن أنني جئت في أكثر الأوقات خطئاً، أعماني إحساسي بالحرج من الموقف كله، وأكملت طريقي إلى الخارج، سمعتهما يحاولان اللحاق بي، ثم حاذاني كل واحدٍ فيهم من جانب، كان صوتها يلهج بعبارات الأسف والاعتذار، حاولت إفهامها سبب مجيئي، لكننا كنّا قد وصلنا إلى الخارج ورأينا والدتها المنتظرة واقفة بين جموع المشاة فتوقف الحديث، سلمت عليَّ أنا وصديقها سريعاً، لكنها خصتني بنظرةٍ فيها الامتنان لحضوري والتأسف على ما حدث، وقالت أنها سوف تحدثني على الهاتف بمجرد أن تصل بيتها، ثم عرّفت والدتها بي، فقالت "أهلاً وسهلاً يا ابني، حمد الله على السلامة، إزيك عامل إيه؟"، أجبت بسرعة "الحمد لله يا طنط، أنا بخير"، توقف الحديث مدة لحظات، ثم عُدت أقول "شكراً على سؤالك"، أجابتني بصوتٍ حرج "العفو، على إيه؟، يا رب تكون بخير"، ثم انطلقت مصطحبة ابنتها في يدها سريعاً من أمامنا، كان صديقها لا يزال إلى جانبي ينظر إلىَّ في استغراب، أكملنا سيرنا بخطى بطيئة، لمست وجنتي عرضاً بأصابعي فوجدتها رطبة ومبللة بدموعي.

الأربعاء، يونيو ٠٩، ٢٠١٠

.

التقيته مصادفةً أثناء استغفاري بعدما صليت الضحى في الجامع، وجلست في أحد الأركان بين يديه.
رأى الكرب بادياً عليَّ، فاقترب ووضع يديه على ساقيَّ وسألني، "ممّا تشكو؟".
أجبت، "ثقل ما اقترفته وما علمته عن نفسي وأهوائي".
قال، "وأين أمسيت بما حملته؟"
قلت، "قريباً من هاوية تسكنها أشباح منتظرة".
ابتسم مجيباً، "لا عليك، ويعفو عن كثير"، ثم أشار، "اذهب ونمّ في المحراب إلى أن يقوم الآذان".
أطعته مصدقاً، أسندت رأسي وأغمضت جفني، وتمنيت لو أنني أحشر داخله، ظللت أفتحها بين ثانية وأخرى حتى امتدت أمامي الأرض وغبت عنها وغابت.

الرجل الآخر

-استخرج من القطعة التالية-

بالأمس دعتهما إلى العشاء معاً.

اجتمع ثلاثتهم في مطعم فاخر في موعد العشاء وجلست قبالتهما، في البداية تبادلوا الأحاديث الخفيفة عن أحوالهم ثم غلب عليهم الصمت بعد قليل مرةً واحدة. ظلّ الثلاثة يتبادلون النظرات فيما بينهم، لكن تلك النظرات كانت تختلف من واحدٍ إلى الآخر، وعلى الرغم من أنها كانت تلقائية فيما تبديه من حركةٍ وسكون، فهي لم تبد تجاه أياً منهما ميلاً يفوق الأخر، ولم تحملق هائمة في وجه أحداً منهما دون الآخر، ربما إذا مرّ إنساناً غريباً عليهم ورآهم لظنّ أن الأجواء مشحونة بالتوتر بينهم، لكن هذا لم يكن وصفاً دقيقاً على أية حال.

كانت تشعر بالسرور والائتناس بلقاءهما، مع كل ذلك الجو الموائم من الأضواء الخافتة والروائح العطرية، فكرت أن هذه هي أصدق لحظاتها وأكثرها اكتمالاً منذ شهوراً عديدة مليئة بالحيرة وانشغال البال والشعور بالنقصان، وأنها تشعر بالاسترخاء والانسجام في هذا الموعد المتأخر كأنها تستمع إلى موسيقاها الكلاسيكية المفضلة في ساعة رائقة من يومٍ شاق، لم تستطع أن تفكر في أي شئ آخر بعيداً عن تلك السعادة التي غمرتها منذ بداية الموعد.

عندما أتى النادل بأطباق العشاء الرئيسية، شرعت هي في تقطيع شريحة اللحم خاصتها قبلهما مسرعة من جوعها، ألقت نظرة مودة سريعة عليهما بينما كانا يستعدان مثلها للطعام، حاول أحدهما أن يفتح فمه ليقول شيئاً، فرفعت شوكتها محذرة وأصدرت صوتاً انفجارياً قوياً "بَبْ !"، فأغلق فمه بسرعة يائساً وصمت مرة أخرى.

في نهاية الموعد اتفق ثلاثتهم على التلاقي في نفس الموعد من الأسبوع المقبل.

الأحد، يونيو ٠٦، ٢٠١٠

نزيف داخلي/ خارجي

خيط الدماء القاني الرفيع الذي يجري من فتحة شرجي على الأرض ويلوث لباسي وجلبابي، والعرج الثقيل الذي أمشي بهِ في ردهة شقتنا، كان نتيجة اغتصاب عضوي الذكري الأحمق لمؤخرتي أثناء نومي.

الأربعاء، يونيو ٠٢، ٢٠١٠

السبت فات والحد فات

استيقظت مبكراً، ثم عبرتني ماضية إلى دورة المياه بخطواتٍ ثقيلة.
كنت جالساً أمام التلفزيون أستمع إلى "يا أهل المحبّة" لمحمد عبد المطلب بأعينٍ بليدة، عندما خرجت كنت أظنها سوف تعود تجر أقدامها إلى غرفة النوم كعادتها، لكنها جاءتني وجلست فوق فخذيَّ وأراحت جسدها ورأسها فوق صدري وكتفي، لم أبد ردّة فعل، بينما استنشقت هي نفساً عميقاً واحتبسته داخل صدرها، ثم مدت أصابعاً إلى رأسي وداعبت شعري القصير.
توالت إذاعة أغاني عبد المطلب على الشاشة، لم تكن مناسبة تماماً لمزاجي العكر، لكنها كانت ألطف ما يمكن أن يقدمه الصباح لي. رفعت رأسها عن كتفي وتأملت وجهي بنظرة متفحصة لما لم تجد مني قبولاً وسألتني في استغراب، "مالك كده؟"، لم أبعد عيني عن الشاشة، فقط مددت يدي إلى رأسها وأملته إلى كتفي مرّة أخرى.
ظللنا صامتين هكذا حتى أطلقت زفرة حارّة في عنقي شعرت بها كأنها زخات من رصاص.

* العنوان إسم أغنية لمحمد عبد المطلب