الأحد، ديسمبر ٣٠، ٢٠٠٧

عبدُ اللهِ هنا

أترى هذا المواطن المصرى، ذاك الذى يرتدى قميص أبيض اللون فوقها بذلة قديمة، فى صباح هادئ مبتسم والساعة لم تتجاوز الثانية عشر يعبر ميدان "لاظ أوغلى" إلى مبناه الرهيب، لا يذكر من دروس التاريخ إلا درساً واحداً، "الدوام لله من قبل ومن بعد"، له خبث الكسالى ومكر الثعالب وخفة النُمُوس، يمر من البوابة المهيبة والعساكر وأمناء الشرطة فقط بترك اسمه، الكل يراه ولا يراه، فلا أحد يعريه أى اهتمام، يمشى فى البهو الفخم والردهة المؤدية لمكتب الوزير منتصب القامة، رافع الرأس، عزيز النفس لكن لا يبدو عليه أى خيلاء، يقتحم مكتب الوزير دون أن يلقى السلام، وأمام عينيى الوزير المذهولتين يضع يديه فى جيب بذلته ويخرج بطاقة رقمه القومى ببطء كأنه يخرج مسدساً ثقيلاً ثم يتركها على مكتبه وينتصب مرة أخرى مبتسماً فى سخرية هازئة ويمضى إلى حال سبيله

الثلاثاء، ديسمبر ٢٥، ٢٠٠٧

بالأفراح.. السلطنة صناعة وطنية ثقيلة

"وأفرح فإنى لا أحب إلا الفرحان"
النـِّـفـِّـرى
*
نفسى أفرح وسط الناس والجماهير.. ونقول "الله الله" و"عظمة على عظمة على عظمة".. مراوح صدرنا محروقة مع كل آهه وتنهيدة والعروق تطق والجبين يسخن والبدن كله يقشعر من الحماس... منايا أفرح معاكم يا أجمل خلق الله.. نرقص دبكة جماعية على خشب المسرح وأسفلت شارع كورنيش النيل.. وأفضل أرقص وأرقص لحد المرواح وصوت الموسيقى فى ودانى ما بيسكتش ولا يهداش... قلبى باش.. وكمان قلب زياد لما تحس إن الحنين قطع قلبه وهو بيختم شريط "بالأفراح" بموسيقى "زورونى كل سنة مرة"... زورونى كل سنة لحظة.. هى لحظة.. يا دنيا قديمة زى أغنية ما راحتش من بالى.. يا نشوة هزتنى زى ما رقصتى هزت الكون من تحتى.. يا غية حمام هجت من صدرى لما الشتا سكن فىّ أربع مواسم... هى لحظة.. تقف عندها كل الساعات وبعدها كل شئ يغرق فى تصفيق حاد بانتهاء الحفلة

السبت، سبتمبر ٢٢، ٢٠٠٧

!!! وخلينى أكتر نوكيا

!فاضل شوية على ما توصل.. ممكن تسأل اللي جنبك عن اخباره"
"خليك أكتر اجتماعية
مخنوق من الزحمة؟.. ليه ماتقولش دى عيلة واحدة؟"
"خليك أكتر إيجابية
حاسس انك وحيد ؟... على الأقل في اتنين غيرك بيقروا الاعلان ده"
"حاول تلاقيهم... خليك اكتر فضول
إعلانات شركة نوكيا الجديدة
*
غريبة ! غريبة جداً ! مع إنى من أشد المعادين لفن الإعلان وفن البوب عموما لأنه فن رأسمالى استهلاكى دايما ما بيحمل معنى سلبى، إلا إنى مش قادر أخفى إعجابى بإعلانات شركة نوكيا الجديدة فى الشارع ومحطات وعربات المترو
الإعلانات بتحمل قيمة فعلا إيجابية تكاد تختفى من المجتمع المدنى عموما، والقاهرى خصوصاً، وفى نفس الوقت الإعلان مناسب جدا لحركة المواطن القاهرى المدنى السريعة، فتلاقى نص الإعلانات أشبه بالنصيحة اليومية السريعة اللى ممكن نلاقيها مثلا موجودة فى صفحات النتايج أو إعلانات الصلاة والحجاب الإسلامية ذات مضمون إيجابى لكن بتقديم سلبى للغاية، ومن الملاحظ أيضا إرتباط الإعلانات بشعار الشركة وهو
"connecting people"
وهى أساس فكرة التليفونات والإتصالات عموما مش شركة نوكيا لوحدها
فى الحقيقة أنا شايف حتى فى صياغة هذة الإعلانات شكل من أشكال الشعر كده

الخميس، سبتمبر ٠٦، ٢٠٠٧

الغائبون

الأقربون الأقربون إلى قلبى، حاضرين أم كانوا غائبين، لهم فى القلب آثار نديةٌ عطرة.. كل منهم زرع ياسمينة أو غرس نخلة تشق جداره.. أما الغائبين.. فغيابهم زادنى رقه ثم ضعفاً وهوان.. والإنتظار مر المذاق.. أعلم أن هذا ليس هجران.. غيابكم ليس بخل ولا دلال.. ولكنها حياة تخطف الأحباء كلما أرادت

الخميس، أغسطس ٠٢، ٢٠٠٧

أزمة صدرية

كلينى لهمٍ، يا أميمة، ناصبٍ، وليل أقاسيه، بطئ الكواكبِ
تطاول حتى قلت ليس بمنقض، وليس الذى يرعى النجوم بآنبِ
وصدر أراح الليل عازب همه، تضاعف فيه الحزن من كل جانبِ
النابغة الذبيانى
*
صدرى مأزوم.. كأن هناك أثقال سوداء تجثم فوقه.. أرى نفسى منشوقاً مئة ألف مرة بأسلاك الضغط العالى.. صدرى مأزوم.. أتسلق جبلاً من القطران الأسود والشمس خلفى غاربة تتركنى مع ليل زاحف على روحى.. والنجوم تختفى واحدة تلو الأخرى بدلاً من الظهور كأنها غرقت فى بحر ظلمات الليل أو أن الجبل قد ابتلعها فى جوفه الأصم.. مرهق ومتعب أنا لكننى أخشى أن تنزلق يدى بفعل العرق فأسقط فى السواد اللانهائى.. صدرى مأزوم.. أنا جرح عميق الأثر لا يلتئم.. وقد قيل لى إن فى الليل شفاء ودواء.. وهاهو الليل يزيدنى ضعفاً فوق ضعف

الثلاثاء، يونيو ١٩، ٢٠٠٧

نوبة تمر سريعاً

"ألم نشرح لك صدرك"
قرآن كريم - سورة الشرح
*
كل يوم أصحو لأمارس خطاياى المعتادة.. رغم كل قسم أقسمته على نفسى.. وأنف كل قاعدة رسمتها.. بقلبى حامل الآثام.. أرتكب الخطايا.. ولا أبالى بشئ.. أنا ومن بعدى الطوفان.. ثم لا شئ غير الندم.. ندم زائف.. لا يقينى من الوقوع فى الأفخاخ.. ولا يصل بى إلى التوبة.. وإذا قلت لك إنك لو رأيت روحى عارية من كل قناع لن تجد غير التناقض التام بين القول والفعل.. أقول كذا وأفعل عكسه بدمٍ بارد.. والحقيقة أن البشر هم كتل من التناقض.. لكن هذا لا يبرر أى شئ هنا.. هذا لا يبرره غير الضعف.. ضعف ترك فى قلبى ندوباً سوداء لم ولن يصلحها الزمن مهما نسيت أو تناسيت.. من سيصفح عنى غير الله؟.. حتى هذا الصفح اعلم أننى لن أحصل عليه طالما أنا كذلك.. ربما أنا أريد من الله أن يصلحنى دون جهد منى.. لكن هذا لن يحدث أبداً.. فلا طريق لى غير المحاولة الصادقة.. والمداومة عليها.. بهذا القلب الآثم الملئ بالندوب الحارقة

الأحد، يونيو ١٧، ٢٠٠٧

وأنت يا هذا قولى لماذا خدت أجازة؟

لا مذاكرة بعد اليوم
لعب الكورة أهم أهم
......
هتاف طلبة مدرسة الأوقاف التجريبية الإبتدائية فى 1998
........
!! وعشان هذا أخدت أجازة

الأحد، يونيو ٠٣، ٢٠٠٧

ملوكى

انتهى النهار الصيفى الطويل بمغرب وليل يظلم بطيئاً، وانتهى معه أول يوم عمل بالمحل بالنسبة لهذا الشاب، وهاهو ينتهى من تسليم ورديته لزميله، ليخرج من الشارع الفرعى إلى شارع (الهرم) الرئيسى -والذى يراه لأول مرة فى حياته- حيث أعجبه مشهد الشارع بكل تفاصيله من شجر وأزهار ومنازل وسيارات وإعلانات بيضاء مضيئة فوقف فى مكانه يتأمله وينسى سيرة حياته فى وسط المشهد الهادئ، والنسيم البارد يمر بقميصه الخفيف وذراعيه العاريين ووجهه، حتى جاءته سيارة من خلفه تزمجر، فأستفاق لنفسه وترك موقعه فى منتصف الشارع، وضع يديه فى جيوبه منتشياً، وأخذ فى السير متهادياً نحو المحطة
"مؤسسة.. مؤسسة.. مؤسسة"
بين صراخ المنادين على سياراتهم يبحث عن سيارة ليست مكدسة بالراكبين، يختار المنشودة، ويقبع فى داخل آخر كراسيها، منتظراً حتى تحمل بالراكبين، يضم ركبتيه نحو صدره مستنداً على الكرسى أمامه، ويحدق فى السماء المظلمة المغطاة بالسحب من خلال النافذة، كأن الليل ماهو إلا غشاء حريرى رقيق تحت تلك السحب الوردية يحجب النور عن الأرض، فأغمض عينيه كأنه يتمنى أن يكون هذا آخر ما تراه عيناه والتعب يخرج من بين أصابع قدميه المتعبتين
لم يدرى بنفسه إلا عندما أحس بهزة محرك السيارة من تحت كرسيه، وجد السيارة قد إمتلات بالراكبين، فأعتدل فى جلسته وأخرج بلا وعى الأجرة وسلمها للذى أمامه، وصوت السيدة أم كلثوم ينساب من راديو السيارة بأغنية "رق الحبيب"، يهز رأسه فى خفة متمايلاً مع الألحان داساً عيناه فى النافذة متأملا الطريق، واسترخى فى مقعده وغاص فيه أكثر وأكثر كأنه انفصل به عن بقية السيارة والعالم بأكمله

الأربعاء، مايو ٠٩، ٢٠٠٧

وصبح يوم تالت وعيار البكا فالت

إلى عمى (أبو الليل).. أقبّل جبينك محبةً
*
حتى لو كان الأمل بخيل"
"اليأس أبخل
فؤاد حداد - العيار الفالت - الصفحة التانية
*
توقف عن الأنين ما من شئ أكثر إثارة للسخرية"
من الرجل الذى يئن
"اللهم إلا الرجل الذى يبكى
الشاعر الفرنسى أراجون - قصيدة الشوك
*
صباحٌ يغلفه ضباب رقيق، لم نتجاوز السادسة صباحاً بعد، وأنا على رصيف محطة الزهراء أنتظر القطار القادم جالساً متململاً واجماً، على بعد عدة خطوات من قدمى توجد بوابة مفتوحة على منظر من أجمل مناظر مدينة القاهرة صباحاً ومساءاً، حيث الشارع الفرعى يبدو كميدان صاخب الحركة لايهدأ أبداً من سائقى الميكروباص ولا ضجة الكوبرى العلوى، أما هنا.. لا شئ من هذا هنا
تجلس بجانبى إمراة فى الخمسين من عمرها ترتدى جلباب أسود وعباءة سوداء، معها طفلتان صغيرتان يحملان حقائب المدرسة، كانت ملامح السيدة فيها شبة عظيم من جدتى من أمى، أما الطفلتين فلم أستطع تحديد لمن يشبهن، لكنى شغلت عن ذلك بتأمل شريط القطار إنتظاراً محاولاً أن أضيع الوقت فى عد حجارته
أزداد عقلى ووجهى وجوم حتى كادت عيناي تدمع أكثر من مرة، والوقت يمر بطيئاً على قلبى بسكينٍ حادٍ يمزق نياطه، لكننى أحاول التماسك خوفاً من الإنهيار فى أى لحظة
كانت الطفلتان تلعبان على أرضية الرصيف متخيلين أى شئ يمكن اللعب عليه، ثم جاءت إحدهما نحو السيدة لتنزع عن ظهرها حقيبة المدرسة لتكمل لعبها، تسترسل السيدة وهى تنظر أمامها وتعبث بأناملها فى شعر الطفلة "البت أم فاطمة بنتها عايزة وعايزة وعايزة، البت مش مقدرة حالة أمها خالص، لكن نعمل إيه بقى؟ العوزة وحشة برضه"، كنت أعلم إنها تحاول التخفيف عنى كأنها تقول لى "اللى يشوف بلاوى الناس، تهون عليه بلوته"، لكن ما شأنى أنا وشأن أم فاطمة، وأنا لا أعرف من هى أم فاطمة ولا أىِ من بناتها تقصد، صمت ولا لم أستطع الرد على أية حال وكأنها تحدثت إلى نفسها بصوتٍ عالٍ كعادة المصريات
تأخر القطار، لكن رصيف المحطة لازال خالى من البشر تقريباً
ولا أعلم ماذا حدث بالضبط، كل ما أعلمه إن لى رغبة شديدة فى البكاء منذ بداية اليوم، بدأت فى النهنهة بصوت مكتوم محاولاً ألا أزعج السيدة العجوز ببكائى الصامت، وكلما حاولت أن أكبت بكائى من الداخل علا صوت نهنهتى، أتذكر إننى كل مرة بكيت فيها فى دورة مياه بيتنا كنت أستطيع كتمها، لكن الحمل فاق التحمل هذة المرة؛ والسيدة أحست بشئ ما يجرى بجانبها، فما أن لمست كتفى، حتى انفجرت باكياً وأنا أصرخ من شدة الألم والكبت، لم أهتم بكونى أبكى بحرقة فى المحطة وظل صوت بكائى يرتفع أكثر وأكثر، هذا القلب المذبوح فقد القدرة على التماسك، والسيدة لازالت تربت وتمسح على ظهرى برفق كأنها أمى وهى تبسمل وتحوقل وتقرأ قصار سور القرآن لتهدئتى، حتى الطفلتين كانتا تنظران إلىّ فى ذهول وعدم فهم ورغم ذلك أقتربتا ومسحا على ظهرى، لم أدر إنى قد أرتميت فى صدرها، فالتعب و(السخونة) حلوا بعينى وعقلى، لكن البكاء والنهنهة أخذت حدتهما تنخفض قليلاً قليلاً، حتى صرت نائما فى حضن السيدة العجوز وهى تهمس بصوت هادئ مطمئن لقلبى
"ربك يعدلها، ربك يعدلها"
ومُر القطار دون أن نركبه
*
لابد لنا من أيام، نضحك فيها من مرارة هذة الأيام"
لابد لنا من أيام نضحك فيها من مرارة هذة الأيام
"لابد لنا من أيام، ......إلخ
الشاعر الرومانى أوفيد

الجمعة، مايو ٠٤، ٢٠٠٧

عن الرضا

على باب المسجد ترددت كثيراً قبل الدخول، فأنا شديد الإنهاك والتعب وكل قطعة فى بدنى تؤلمنى، ولن أستطيع الصلاة يقظاً وأخشى أن أغفو على سجادة الصلاة، جلست قليلاً بجانب الباب حتى أقرر ماذا سأفعل، ثم بدأت فى خلع الحذاء دون وعى فأدركت أن الأمر ليس بيدى
أتخذت لى ركناً فى المسجد الواسع وجلست وأرحت رأسى مائلاً على الحائط وأخدت أنظر إلى سقفه العالى المزين بالنقوش والآيات القرآنية، وقد كان فوق المحراب نقش آية "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَّنَكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ"، أغمضت عينى على هذة الآية ثم بدأت أغيب تدريجياً فى النوم، وقليلاً قليلاً مال جسدى حتى سقطت على ظهرى شبه نائم حيث تراءت لى أطياف بيضاء تتحرك بخفة خلف أجفانى المغلقة
أستفقت حينما أذن مؤذن المسجد، فقمت توضئت وعدت مرة ثانية أنتظر إقامة الصلاة، صليت السنة محاولاً إيقاظ عقلى النائم حتى أقيمت الصلاة
الكل أمام الله صفاً واحداً لا يدرى أحدنا من النائم ومن المستيقظ، من المستهتر ومن الخاشع؟. كبرت وقرأت الفاتحة ثم شرعت فى قراءة سورة الضحى {وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى* وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى*وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
حاولت إكمال السورة حتى آخرها لكننى لا أنفك أعيد قراءة هذة الآيه المرة تلو المرة، حتى أذن الإمام بالركوع، فركعت وأنا أحاول معرفة إذا كنت فقدت تركيزى أثناء الصلاة أم ماذا
"سمع الله لمن حمده"
"ربنا ولك الحمد والشكر"
أنتبه مرة أخرى أن الكل قد أستقام ولازلت متأخراً عنهم، حتى سجدنا فأطال الإمام السجود قليلاً، وجدتها فرصه كى أدعو الله وهو قريب منى فى لحظة كهذة بما أريد وأخذت أبحث فى عقلى عن أى شئ أريده أدعو به فلم أجد، فابتسمت قليلاً وقرأت فى سرى
"وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"
"وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"
"وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"

الأحد، أبريل ٢٢، ٢٠٠٧

على لسان البغل الأسود

كما أستطيع أن أحب وأعشق وأهيم على رأسى العنيد.. أستطيع أن أكره وألعن وأسب ألف ملة ودين.. ألا لُعن اللون الرمادى.. ألا لُعن السمسار.. ألا لُعن المفاوض.. ألا لُعن المحايد
*
هاأنا بغلٌ أسودٌ يضربُ برأسهِ قرنى الثور الذى يحملُ العالمَ ليسقط من فوقه السخفاء
*
لا تحايد أحداً إلا من رضى به قلبك.. ولا تفاوض نفساً إلا من مالت إليه روحك
*
أقف فوق كومة عظيمة من القاذورات، ولا أقول "أنا لا أقف فوق جنان وبساتين حالياً"، لكن أقول بملء فمى
"أنا أقف فوق كومة من القاذورات حتى أرحل إلى بلاد تعرف المراعى"
*
أحس بالشفقة على أى واحداً منا يستخف بقيمته، فنحن -معشر البغال- قادرين على أن نكون شيئاً آخراً غير أن نكون بغالاً.. لكننا لسنا قادرين أن نكون هذا الشئ الآخر، أىً كان، مثلما كنا بغالا
*
...يا قلبٌ رآنى فأحبنى.. أغدق علىَّ بحنانك.. أو أرحل
*
لتكن ما تكون.. حتى ولو كنت الشيطان ذاته.. لكن أرجوك لا تدعى الملائكية فى وجهى، وقتها سوف أصيبك بنهيق حتى ترحل أو أصم آذانك
*
أنا أكرهك.. وأنت تمقتنى.. حسناً.. هذة حقيقة لا يجب أن تختفى خلف أقنعة الود والمحبة.. فأسوأ من أن نكره بعضنا أن ندعى الحب لبعضنا.. دعنا نختلف قليلاً.. العالم ليس سواء.. وإذا رأيتنى فى الطريق أنقر بأصابعك على عصاك الطويلة الرفيعة تحفزاً ولا أكثر
*
سأرسم ما أشاء من الألوان أما الرصاصى فلسوف أحرقه حتى يصير لوناً فاحماً أرسم به
*
أحترم القديسين الجادين فى صلواتهم.. وأحترم الداعرين الجادين فى نزواتهم.. ولا أطيق ظلالهما المخلوط من البشر
*
أطيح فيما أمامى ولا أعتذر.. آسف فأنا مجرد بغل

تحية للضيف القادم

هل رأى أحدكم مسافراً قادم من بلاد تحمل رائحة البحر فى أحشائها يسير متعكزاً على أمل باقى ممتد منذ مئات السنين ؟.. هل رأى أحدكم مسافراً فصوص عينه -التى تلمع كالماس- شاخصة إلى السماء تبحث عن قمر يعلو فوق مدينة الألف مئذنة ؟.. هل سمع أحدكم مسافراً يطرق الباب الحديدى للقاهرة بعصاه منتظراً من ينهض ليفتح له الباب ؟
هذا المسافر الذى لم يعد غريباً عن الدار فقد أصبح له من اليوم أهل وأقرباء من كل مقام ومكان.. يمسحون عرقه السائل على جبينه ويسمحون له بالدخول إلى قلوبهم ويسقونه ماءٍ صافٍ من حيث أشربهم النيل.. إلى الذى سيسكن قلب القاهرة.. عند كل زاوية ستقرأ فى أعين الناس وشفاهم

"نورت يا ولدى"

الاثنين، مارس ١٩، ٢٠٠٧

حديث بلدى

بس أنتى مفروض تتعلمى تعملى أصناف فى الطبيخ غير اللى أنت قولتهالى -
هو اللى أنا أعرفه من أصناف حاليا كويس مش وحش =
آه طبعا بس مستقبلا وحش جدا -
ليه بقى إن شاء الله ؟ =
! عشان لما أتجوزك طبعا -
نعااااااام، (تمصمص شفاها مع نبره إستنكار مع رفع أحد الحاجبين)، مايحكمشى =
نظرة تحدى منى) وإن حكم ؟) -
! نظرة تحدى منها) ماتحتكمشى) =
وإن احتكمت -
!!! ابتسامه لها مغزى) يبقى على بركه الله) =

الثلاثاء، فبراير ١٣، ٢٠٠٧

يـ...و...م

: *ريحه إمبارح
ستى حميدة قبل ما تتوفى سابت لنا حاجتين فى البيت.. سرير وكومودينو.. أخويّ أخد الأول وأنا أخدت التانى.. زمان كنت بأكره النوم فى السرير بسبب قرفى من ريحه عرق ستى الباقيه فى قماش مرتبه السرير.. أفتكر زمان ساعه لما كنت أصحى من نومى وأدخل على ستى الأوضه وأستنى لحد ما تخلص صلاه عشان أصبح عليها.. وأول ما تصبح علىّ تقولى "ديك النهار شفت لك حلم" وتحكى لى حلمها وتفسره وأنا أفضل ساكت.. وبعدين تحاول تأخدنى فى حضنها فأرفض فتعتبنى "يعنى مش عايز تنام فى حضن ستك يا واد.. طب غور"..بأفتقدها.. وبأفتقد الريحه اللى كانت سيباها فى السرير.. دلوقتى لما بأجى أنام على سريرها بأشيل الملايه وأشمم فى المرتبه.. مطرح ما بلاقى الريحه بأحط راسى عليها وأنام
***
: عصافير
وعلى المكتب الحكومى.. أمى بترجم.. والشارع بينادى ويحدف الدوشه على قزاز الشبابيك عشان تنزل.. أزق فى دراع أمى عشان تسلم شغلها وننزل.. ترمي لى جرنان اقراه وتنزل الستاير على الشبابيك وتخلص شغلها فى هدوء
........
أنا وأمى فى وسط المبانى الحكومية المكعبه والشارع الواسع اتنين زغاليل صغيرين..أصغر من أن أى حد يهتم انه يبص علينا.. بأضمها تحت باطى وأحط الجرنان على دماغها وقايه للشمس وبأعدى بيها الرصيف
***
: برد ووحده
وحيداً أقيم صلاتى أمام الله.. وحيداً أصفر أغنياتى فى الشوارع.. وحيداً أشرب قهوتى.. وحينما آكل لقمتى فى المطاعم أرى نفسى وحيداً فى مراياها.. وحيداً أقف أنتظر
....
البيت دلوقت صبح فاضى من كل ريحه وكل حركه رغم الأنوار المولعه فى كل ركن فى البيت.. والنفس الدافى حل محله البرد والسقعه.. وكل واحد قفل أوضته على روحه.. وفضلت أنا على عتبه أوضتى بأتفرج على فضا بيتنا.. بس إيه اللى يوقفنى.. ما أدخل أنام أحسن ؟
....
تصبحوا على خير
* ريحة إمبارح إسم قصيدة لأحمد حداد

الجمعة، يناير ٢٦، ٢٠٠٧

نفسى أكتب كتابه... تجيب طوبه فى بابه

: **قال الزنجى
الكتابه هى مثل أتوبيس 358 (صقر قريش - ميدان لبنان) المكيف الذى تنتظره لوقت طويل فى ملل لكنه لا يأتى أبدا فى ميعاده، وعلى الرغم من أن هناك المترو المزدحم المتوافر دائما لكنك تخشى أن يأتى الأتوبيس فى نفس الوقت الذى تغادر فيه المحطه
*
: قال السهروردى
الكتابه هى مثل أتوبيس 166 (عتبه - بولاق الدكرور) المتوافر دائما لكنه دائما مزدحم لا تجد فيه موضع لقدمك، لذا تفقد نفسك عددا محترما من فرص ركوب الأتوبيس من أجل أتوبيس واحد خالى
**
العنوان للأبنودى*
بتصرف**