السبت، سبتمبر ١٩، ٢٠٠٩

انتظار

كنت أقف في الهجير منتظراً من لا أعرفه، فوقي شموس عديدة، كلها تقدح الشرر بلا رحمة، أرى حقلين بعيدين من أشجار الزيتون وبينهما طريقاً أسفلتياً لونه أحمر، مرتفعاً يحجب إمتداداً من الصحراء وراءه، خرج من بين أشجار الحقل الأول كياناً متحركاً بخطوات قوية منتظمة كمشيّة الجند يسير في إتجاه الحقل الثاني، أحطت عينيَّ بكلتا يديَّ وحاولت تبين ما أراه، فبدا الكيان كأنه لإمرأة ترتدي جلباب أسود وتضع حجاباً طويلاً غير معقود حول رقبتها، كانت قد وصلت إلى منتصف الطريق عندما ناديت "يامّا"، لكنها لم تتوقف ولم تبطء سيرها، رغم أن المسافة بيني وبين الطريق لم تكن بعيدة، ناديت مرة أخرى بعزم ما في من قوة "يامّاااااااااااااه"، أحسست لثانية أنها قد توقفت وبحثت بعينيها عن المنادي، لكنها استمّرت في سيرها المنتظم ذي الخطوات العسكريّة الواسعة، انطلقت أجري نحو الطريق وأنا أناديها مقطوع النفس، لكنها كانت انتهت من الطريق الأسفلتي وانحدرت داخل حقل الزيتون الثاني، وقفت أتأمل غيابها وراء أشجار الزيتون، وقلت في نفسي "لعلها لم تسمعني، أو سمعتني ولم تكن تريد إنتظاري"، عاد المكان إلى سكونه المعتاد في لحظات قصار، أحسست أن هذا السكون هو حقيقة لا تقهر، قلت في نفسي "أو لعلها كانت سراباً"، وظللت واقفاً في الهجير منتظراً من لا أعرفه..

ليست هناك تعليقات: