الخميس، يناير ٢٠، ٢٠١١

يومية شتوية

كتب في آخر رسالته:
"أنا بردان . بردان قوي . ربنا يبعت الغطيان"
وبعتها. واستسلم لموته اللي انعاد عليه كل ليلة من الشتا، تنسحب منه الروح في دنيا فيها الأشباح تقوم الليل لتعذيبها، ويقوم هو من النوم مضعضع هزيل شاحب كأنه كان مدفون تحت رمل الصحارى.

صرخ أول ما صحي من النوم:
"يا ريت محدش يكلمني النهاردة"
وسكت. لأنه فزعان طول الوقت من عيون الناس وأحضانهم وأياديهم، فيفضل دايما هربان وبيجري بعيد عنهم. مع إنه كان في نفس الوقت مستني حد يتكعبل في قلبه ويقول له بابتسامة سمحة.. "صباح الفلّ".

وشوش في آخر اليوم:
"آه وآه يا كَسرة قلبي"
ووقعت دمعة من عينه. شالت فيها كل الحنان والنقمة عَ العالم، سخنة بلون الحرايق على وشه الرمادي اللي لوّنه الوحدة. ما مسحهاش وسابها تسيل وتشق لها وادي في خدوده.

سأل في أول المكالمة:
"إزاي يطيق الإنسان سواد نفسه؟"
وما استناش رد. قفلّ تليفونه، وحط لوح القزاز اللي بيحطه كل يوم بينه وبين الناس، وقعد يتفرج عليهم وهمَّ بيعدوا قدامه وكلهم مشغولين وعاملين مشغولين. ولما نادى عليهم، صوته ضرب القزاز ورجع له خايب ومتقطع.

دعا في آخر مناجاته:
"يا رب، خدني في جملة المتونسين برضاك أو خدني بس!"
وطلق تنهيدة. غمض عينيه بعدها، ونشر ضهره على السرير لكرابيج تنزل عليها طول الليل.

هناك ٣ تعليقات:

ملكة يقول...

في البدء كان التسامي، ثم لم يعد في معجم النفس (و ج ع)

انا اتوجعت وربنا يسامحك..

غير معرف يقول...

سيقترب منك السلام اذا ما منحته فرصة

ست الحسن يقول...

سأل في أول المكالمة:
"إزاي يطيق الإنسان سواد نفسه؟"
وما استناش رد. قفلّ تليفونه، وحط لوح القزاز اللي بيحطه كل يوم بينه وبين الناس،


ووقعت دمعة من عينه. شالت فيها كل الحنان والنقمة عَ العالم، سخنة بلون الحرايق على وشه الرمادي اللي لوّنه الوحدة.
..........


بس إيه التدفق ده
ربنا يجعل السنة كلها امتحانات يا أخي

حلوة جداً