-استخرج من القطعة التالية-
بالأمس دعتهما إلى العشاء معاً.
اجتمع ثلاثتهم في مطعم فاخر في موعد العشاء وجلست قبالتهما، في البداية تبادلوا الأحاديث الخفيفة عن أحوالهم ثم غلب عليهم الصمت بعد قليل مرةً واحدة. ظلّ الثلاثة يتبادلون النظرات فيما بينهم، لكن تلك النظرات كانت تختلف من واحدٍ إلى الآخر، وعلى الرغم من أنها كانت تلقائية فيما تبديه من حركةٍ وسكون، فهي لم تبد تجاه أياً منهما ميلاً يفوق الأخر، ولم تحملق هائمة في وجه أحداً منهما دون الآخر، ربما إذا مرّ إنساناً غريباً عليهم ورآهم لظنّ أن الأجواء مشحونة بالتوتر بينهم، لكن هذا لم يكن وصفاً دقيقاً على أية حال.
كانت تشعر بالسرور والائتناس بلقاءهما، مع كل ذلك الجو الموائم من الأضواء الخافتة والروائح العطرية، فكرت أن هذه هي أصدق لحظاتها وأكثرها اكتمالاً منذ شهوراً عديدة مليئة بالحيرة وانشغال البال والشعور بالنقصان، وأنها تشعر بالاسترخاء والانسجام في هذا الموعد المتأخر كأنها تستمع إلى موسيقاها الكلاسيكية المفضلة في ساعة رائقة من يومٍ شاق، لم تستطع أن تفكر في أي شئ آخر بعيداً عن تلك السعادة التي غمرتها منذ بداية الموعد.
عندما أتى النادل بأطباق العشاء الرئيسية، شرعت هي في تقطيع شريحة اللحم خاصتها قبلهما مسرعة من جوعها، ألقت نظرة مودة سريعة عليهما بينما كانا يستعدان مثلها للطعام، حاول أحدهما أن يفتح فمه ليقول شيئاً، فرفعت شوكتها محذرة وأصدرت صوتاً انفجارياً قوياً "بَبْ !"، فأغلق فمه بسرعة يائساً وصمت مرة أخرى.
في نهاية الموعد اتفق ثلاثتهم على التلاقي في نفس الموعد من الأسبوع المقبل.
هناك تعليق واحد:
:)
إرسال تعليق