القطار دخل المحطة بشويش وانفتحت أبوابه. نزل منها واحد شايل سلّة أكبر منه بعشرة الضعف، وبيتسرب من قعرها خيوط من رمل الأسود. لولا تقل الشيلة والحطة كان نزل وطي يبوس حديد القضبان واليافطة المكتوب عليها (السيدة زينب).
في طريق السّد البراني والرجلين بتحاول تجر خطوتها في الزحمة على قدام، عدى عيّل صغير وضحك وقال، "حوش اللي بيوقع منك". لولا كسوفه ما كانش رجع يلملم خيوط الرمل المتسرب وراه من السكة بإيديه.
لما وصل عتب المقام الأخضر، رمى حمله على الأبواب. النور وريحة المسك والبخور استقبلوه من جوّه، فجأة حسّ إنه اترفع في الهوا خفيف مفرود، خفيف طاير، واكتشف قد إيه أحماله كانت ضغطاه، وإنه أطول، وإنه أعرض، وإنه أوسع، وإنه منشور فوق المقام زيّ السما على الأرض. لولا حبّه العضم والمفاصل المربوطين كان زمانه اتبخر وما بقاش منه إلا حمله المركون على الباب.
أول خروجه الريح بخّت في عينه عفارها، تمتم بدعوة بإسم أم العواجز، واتوّكل على الخلّاق وشال السلّة من تاني، لولا إن جدر العصب انغرس في الأسفلت لحظة ما قام مهزوز كان جذعه انقطم واتدلدق الرمل الأسود من السلّة في كل مكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق